كذبة دونالد كروهرست: قصة الغواصة في المحيطات والأكاذيب

كذبة دونالد كروهرست: قصة الغواصة في المحيطات والأكاذيب

في حلقة اليوم، سأروي لكم القصة المذهلة لدونالد كرو هرست، رجلٌ على حافة الإفلاس. قرر خوض سباقٍ خطير حول العالم بقاربٍ شراعي، في محاولة للفوز بالجائزة الأولى البالغة 5000 جنيه إسترليني. لكن المشكلة كانت أن دونالد كان بحارًا هاويًا يفتقر بوضوحٍ إلى الخبرة، وسرعان ما أدرك أنه لن يتمكن أبدًا من عبور خط النهاية. لتجنب العار والإفلاس، بدأ تدريجياً بإرسال معلوماتٍ كاذبة وإيهام العالم بأنه يبحر بسرعةٍ عبر الكوكب، بينما كان في الواقع يطفو بهدوء في وسط المحيط الأطلسي.

على مدار أكثر من 240 يومًا، وثق دونالد رحلته المأساوية ومساره المظلم نحو الهاوية مستخدمًا كاميرا صغيرة. في عام 1968، كان دونالد كروه مهندسًا إنجليزيًا يبلغ من العمر 36 عامًا وهاويًا للإبحار. اخترع جهازًا صغيرًا للملاحة الراديوية وحاول تسويقه، لكن الأوضاع كانت قاسية ولم يتمكن من بيع الكثير. وكان رب أسرة لديه زوجة وثلاثة أطفال، لذا لم يكن لديه خيار آخر بل كان عليه كسب المال.

لذا، من أجل الترويج لاختراعه، خطر بباله فكرة المشاركة في سباق القوارب الشراعية حول العالم، "جولدن جلوب ريس". ولكن سباق الكورة الذهبية لم يكن مجرد سباقٍ عادي، بل كان الأول حول العالم بقارب شراعي منفرد وبدون توقف. في ذلك الوقت، لم يكن هناك أي نظام GPS ولا هاتف يعمل عبر الأقمار الصناعية، لذا كان كل شيء يتم تقريبًا بدون اتصالات، والاعتماد فقط على السدس والبوصلة. كان الهدف هو النزول على طول إفريقيا وعبور رأس الرجاء الصالح ومواصلة الطواف حول العالم، مرورا برأس لوين ورأس هورن، قبل الصعود على طول السواحل الأمريكية الجنوبية باتجاه إنجلترا.

بشكلٍ استثنائي، كان هذا السباق مفتوحًا للجميع، حتى لعديمي الخبرة. مُنحت فترة للمتسابقين تمتد لعدة أشهر للانطلاق، وفي النهاية، من ينهي رحلته حول العالم في أقصر وقت ممكن هو من سيفوز بالجائزة. قرر دونالد المحاولة وسجل اسمه إلى جانب ثمانية ملاحين آخرين ذوي خبرة عالية. لكنه كان بحاجة إلى قارب، وللحصول على قارب كان بحاجة إلى المال، فتوجه إلى رجل الأعمال ستانلي بيست الذي استثمر بشكل كبير في شركته الصغيرة.

اقنع دونالد ستانلي بأنه لديه كل الفرص للنجاح، ووافق ستانلي على تمويل مشروعه، لكنه أضاف بندًا في العقد أنه إذا انسحب دونالد من السباق، فسيتعين عليه دفع ثمن القارب بالكامل. كان دونالد مهووسًا بفكرة الطواف حول العالم، فقام برهن منزله وشركته. إما أن ينجح وينتصر، أو يفشل ويقع في هاوية الإفلاس.

بدأت مغامرة دونالد كروس البحرية بتصميم قارب شراعي بطول 12 مترًا أطلق عليه اسم "تاين ماوث الكترون". ومع عقليته المهندسية، زود قاربه بمعظم اختراعاته التي اعتقد أنها لا تقبل الخطأ. وأمام كاميرات الصحفيين، قدم دونالد نفسه كبحار متمرس مستعد لمواجهة هذا التحدي، لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا.

بدا كل شيء فوضويًا منذ البداية، واضطر إلى المحاولة مرتين للخروج من الميناء بشكل صحيح. أدرك أن نقص خبرته في الملاحة جعله يتأخر كثيرًا. بعد عدة أسابيع، كانت النتائج مخيبةً للآمال. في وسط المحيط الأطلسي، واجه تحديات خطيرة، بما في ذلك تسرب المياه إلى القارب، مما جعله يدرك أنه يجب عليه العودة. وبينما كان يحاول تحديد كيفية المضي قدمًا، وجد نفسه في مأزق صعب.

عندما مر شهر على مغادرته، كان قد انخفض عدد المتسابقين، حيث انسحب خمسة قوارب بسبب الظروف القاسية. لكن دونالد، الذي كان في المؤخرة، لم يعد يرغب في الفوز بل أراد فقط إكمال رحلته والبقاء على قيد الحياة. لذا، خطرت له فكرة، بدلاً من الاستسلام، اختار الكذب.

بدأ بإرسال معلومات خاطئة عن موقعه للعالم، وكأنما طاف حول العالم. بينما كانحقيقته تقول إنه لا يزال في شمال الأطلسي، حيث كان يبحر بهدوء. خلال الأسابيع التي تلت، انزلق نحو الجنون. في النهاية، أرسل برقية كآخر محاولة، لكنه لم يكن بعد ذلك ليتوقع ما سيحدث له. بعد رحلة شاقة استمرت 244 يومًا، وبدلًا من الوصول إلى أولئك الذين يحبهم، كتبت كلماته الأخيرة، واحتفظ الباقي طيّ الأسرار.

نهايةً، تبين أن دوامة الأكاذيب التي نسجها لم تكن إلا خيوطًا رفيعة انقطعت في لحظة الخطر، وأصبح دونالد مجرد ذكرى عابرة في عقول الجميع.

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *