مغامرات الاختراق: قصة عصابة كاربونا وتحويل الأموال بمليارات الدولارات

مغامرات الاختراق: قصة عصابة كاربونا وتحويل الأموال بمليارات الدولارات

في 13 سبتمبر من عام 2017، بدأ مشهد غير طبيعي في أحد البنوك الروسية. اتصل مدير الحسابات بمدير تكنولوجيا المعلومات، مقتضياً بإجراءات فورية بسبب حالة خطيرة. لم يكن يدور في خلدهم أن مشكلة عالمية قد وصلت إلى أبوابهم. بمجرد الوصول إلى موقع الحادث، كشفوا مستوى متقدم من الاختراق حيث تمكن شخص محترف من السيطرة على وحدة التحكم الرئيسية لجميع أجهزة الكمبيوتر في البنك. هذا الوضع لم يكن مجرد اختراق عادي، بل كان بداية حرب نفسية بين الهاكرز وفريق الأمان السبراني للبنك.

قصة الاختراق هذه ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي عملية تمت على مدار عامين في 30 دولة، سرقت خلالها المليارات. هؤلاء الهاكرز، المعروفون بعصابة "كاربونا"، لم يكونوا فرقة عادية. بل كانوا منظمة إجرامية عالمية تتعامل بذكاء واحترافية تعادل احترافية الشركات الكبرى. كل خطوة في عملية السرقة كانت مدروسة ومخطط لها بدقة.

بداية القصة كانت في عام 2014، عندما بدأ الهاكرز بمراقبة أنظمة البنوك وجمع المعلومات دون أن يلفتوا الانتباه. استغلوا ثغرات النظام، لكنهم لم ينفذوا أي اختراقات فعلية في تلك المرحلة. حتى جاء وقت الهجوم، وقد كانت خططهم محكمة.

بدأت أولى عملياتهم الفعلية في أوكرانيا بأبسط الطرق. أرسلوا رسالة بريد إلكتروني لموظف في البنك، والتي كانت تحتوي على ملف مستند من نوع مايكروسوفت وورد. بمجرد فتحه، تم تنفيذ فيروس خبيث كان باباً خلفياً لنظام البنك. بهذه الخطوة، تسلل الهاكرز للأسفل وتمكنوا من مراقبة كل ما يجري في النظام.

العملية لم تتوقف عند هذا الحد، بل تفرعوا إلى عدة طرق سرقة معقدة. إحدى الطرق كانت تتضمن استخدام أجهزة الصراف الآلي، إذ قاموا ببرمجتها بطريقة تجعلها تصرف الأموال بشكل عشوائي عندما يأتي الهاكرز في اللحظة المناسبة. وفي عام 2016، تم تنفيذ أول عملية سرقة حقيقية حيث استولوا على أموال من 20 ماكينة صراف آلي في وقت واحد.

الغريب في الأمر أن معظم مديري البنوك اعتقدوا في البداية أنه كانت مجرد أخطاء برمجية عفوية. ولكنهم لم يعرفوا أن الأمر كان مدبراً ومحسوباً بشكل دقيق للغاية. هؤلاء الهاكرز استطاعوا تحويل الأموال بطريقة تتجاوز الشكوك والحسابات البنكية، وتلاعبوا بالنظام دون أن يُكتشفوا.

مع مرور الوقت، بدأت الأجهزة الأمنية تتعمق في تحقيقاتها، مما دفع الهاكرز لتغيير أساليبهم ورفع مستوى التعقيد في عملية الاختراق. تعاونت عدة وكالات أمنية حول العالم لمحاولة القبض عليهم، لكن الهاكرز كانوا دائماً يمتلكون ميزة البدايات الحذرة والأفكار المبتكرة.

في الختام، تظل قصة عصابة "كاربونا" واحدة من أعقد وأخطر عمليات الاختراق في تاريخ الأمن السيبراني، تُظهر لنا كيف يمكن للأفراد من جميع أنحاء العالم التنسيق والتعاون في نشاطات إجرامية معقدة. وكلما تقدمت التكنولوجيا، تزداد تحديات الأمان وطرق الاختراق ذكاءً وتعقيداً.

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *